إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شفاء العليل شرح منار السبيل
199127 مشاهدة
اشتراط تقدم الطهارة على المسح على الجبيرة

قوله: [ولا مسح ما لم توضع على طهارة وتجاوز المحل، فيغسل] الصحيح [و يمسح، ويتيمم] خروجا من الخلاف.
وعن أحمد لا يشترط تقدم الطهارة لها، لحديث صاحب الشجة؛ لأنه لم يذكر الطهارة، ويحتمل أن يشترط التيمم عند العجز عن الطهارة؛ لأن فيه إنما يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه ثم يمسح عليها .
ومثلها دواء ألصق على الجرح ونحوه، فخاف من نزعه، نص عليه. وقد روى الأثرم عن ابن عمر أنه خرج بإبهامه قرحة فألقمها مرارة فكان يتوضأ عليها. وقال مالك في الظفر يسقط:
يكسوه مصطكي ويمسح عليه.


الشرح: قد مضى معنا أن القول الصحيح هو عدم اشتراط الطهارة للبس الجبيرة وهي رواية عن أحمد كما ذكر الشارح. ثم بين الشارح- رحمه الله- أن هذا الحكم- وهو المسح- ليس خاصا بالجبيرة فقط، بل يلحق بذلك اللصوق، وهو دواء يوضع على الجرح، ويسمى لصوقا لأنه تلصق بالجرح، فللإنسان أن يمسح على اللصوق إذا كان قد يبسن على فم الجرح أو القرحة ونحوها.
فإن كان اللصوق رطبا ويتأثر بإمرار الماء عليه، فإنه يمسح ما يقدر عليه، فإن لم يقدر على مسح شيء منه اكتفى بمسح ما حوله، أو بغسله، وتيمم عنه.
ومثله إذا خرج في رأس أصبعه قرحة، ثم عقدة بخرقة أو دواء ونحوه، كما فعل ابن عمر فإنه أدخل أصبعه في مرارة، وهي مرارة الشاة، وعقد عليه، وصار يغسله أو يمسحه، واكتفى بذلك عن التيمم.
بل لم يذكر أنه تيمم، فالروايات الصحيحة الثابتة عنه لم يذكر فيها التيمم.
ومثله الظفر إذ انخلع وخشي أن يتألم فإنه يكسوه بمصطكي، والمصطكي: دواء معروف يشبه العلك أو اللبان ونحوه، له قوة إمساك، يسحق، ثم يبل بماء، ثم يجعل على الجرح، ثم يمسح عليه أو يغسله إن لم يتضرر بالغسل، ويكفي ذلك عن التيمم.
ومثله في هذه الأزمنة اللصقة التي توضع على البدن لحاجة، مثل الفتق في عضو من الأعضاء، وهذه اللصقة تشغل حيزا من البدن، فيجوز أن يمسح عليها، أو يغسلها إذا كانت لا تتضرر، والعادة أنها لا تتضرر بالقول، وحيث أنها تلبس اختيارا في الوقت الذي يختاره صاحبها فإنه يلزم عليه غسل محلها إذا كانت في غير أماكن الوضوء حتى إذا أصابه حدث أكبر لم يحتج إلى أن يتيمم، فإن كانت في أماكن الوضوء فعليه أن يتوضأ وضوء كاملا لرفع الحدث الأصغر ثم يلصقها، وهي عادة لا مشقة في غسلها وإمرار الماء عليها، وذلك كاف عن مسحها أو التيمم لها.